20 كانون الثاني (يناير)




ان المتعة التي يستمدها المبتديء من نظرته السطحية الاولى، تحزنه لاحقاً حين يدرك ان هذه اللذة ليست إلا وهماً ان لم تكن راسية على معرفة وطيدة.

انني على دراية معقولة بعلم التشريح، وقد اكتسبت بعض المعرفة عن تشريح الجسد البشري، وان لم يخل ذلك من كثير مشقة. واجدني الآن، بفضل المراقبة المتصلة للتماثيل، وقد ازددت تعلقاً بموضوع التشريح على مستوى أرفع. ان معرفة الجزء لا الكل هو العنصر الاهم في التشريح الجراحي، ويكفي لهذا ان تتعرف على عضلة واحدة، بائسة، صغيرة. أما في روما، فالاجزاء لا قيمة لها إلا بمقدار ما تسهم في صوغ الهيئة الكاملة، وهذا هو السامي والجميل.

وهناك نموذج عن الجهاز العضلي للانسان صنع خصيصاً للفنانين كيما يدرسوه في مستشفى سانتوسبيريتو، وهو نموذج يحظى باعجاب شامل ويشبه هذا النموذج مرسياس، أو قديساً، سُلخ عنه جلده.

واعكف الآن على تثقيف ذاتي باتباع عادات الاقدمين ودراسة الجمجمة، لا بوصفها كتلة عظام نُضدت اصطناعاً، بل بمعية الغضاريف والاعصاب التي تمنحها الحياة والحركة.

وان قلت لكم الآن اني ادرس المنظور ايضا في المساء، فذلك سيبين، كما آمل، انني بعيد عن التقاعس. ولهذا تجدني ساعياً الى الجد بما يفوق قدرتي على الاداء حقاً.