30 آذار (مارس)
انبلج علينا الصبح ونحن في فسحة بين اسكيا وكابري، على مبعدة ميل من هذه الاخيرة، وبزغت الشمس في بهائها من وراء الجروف الصخرية في كابري وكيب منيرفا. واضب كنيب على رسم الخطوط المتغيرة للساحل والجزر اثناء سير الطراد؛ فكان بطء الابحار في خدمته. بقيت الريح متوانية. وعند الساعة الرابعة عصراً توارى فيزوف عن الانظار، أما كيب منيرفا واسكيا فبقيتا في المدى. مع اقتراب المساء اختفتا هما ايضا عن الانظار. غاص قرص الشمس في البحر، مصحوباً بغمام متناثر، وشريط ارجواني اللون على امتداد ميل. رسم كنيب هذه الظاهرة ايضا. واختفت اليابسة الآن تماماً، ولم يعد الافق سوى دائرة من الامواه، أما سماء الليل فيضيئها القمر.
ولم يكتب لي ان انعم بحلاوة هذا المشهد كثيراً، اذ تملكني دوار البحر. عدت الى قمرتي، وتمددت في وضع افقي، وامتنعت عن تناول أي شيء عدا الخبز والنبيذ الاحمر، حتى شعرت بالاستكانة والدفء. واذ بقيت معزولاً عن العالم الخارجي، اطلقت قياد افكاري للتأمل في عالمي الباطني؛ ولما كنت اتوقع سفراً وئيداً، وضعت نصب عيني مهمة كفيلة بأن تشغلني بالكامل. لم اصطحب معي في هذه الرحلة من مسودات سوى المشهدين الاولين من مسرحية تاسو. ورغم ان هذين الفصلين يشبهان عموما من حيث الحبكة الفصول التي كتبتها حتى الآن، فقد وضعتهما قبل عشرة اعوام في قالب شعر نثري. لقد وجدت ان هذين الفصلين ضعيفان وهلاميان؛ غير ان هذه النقائص توارت بعد ان اضفت، وفقاً لأفكاري الراهنة، الوزن على النص، كيما يسود الشكل.