6 كانون الثاني (يناير)




عدت لتوي من زيارة موريتز، الذي فك الجبس عن ذراعه المكسور. والامور على خير ما يرام. تعلمت خلال هذين الاسبوعين اللذين قضيتهما ملازما صديقي الموجوع، بوصفي ممرضاً، وسامع اعترافات، وكاتم اسرار، ووزير مالية، وسكرتيراً خاصاً لـه، ما قد يثمر خيراً في المستقبل. وتميزت هذه الفترة باقتران اشد الآلام بأندر المتع.

نصبت بالامس نسخة جديدة من تمثال عملاق لرأس جونو على التلة التي تطل عليها غرفتي، وان النسخة الاصلية للتمثال موجودة في فيلا لودوفيزي. كان تمثال جونو هو حبي الروماني الاول، وأنا الآن امتلكه. ان الكلمات لعاجزة عن وصف هذا العمل. لكأنه نشيد من اناشيد هوميروس. لكني استحق هذه الصحبة البديعة، لأن بمقدوري ان اعلن الآن انني اكملت مسرحية افيجيني اخيرا، اعني انها ناجزة الآن، على الطاولة امامي، في نسختين متماثلتين. فعسى ان تستقبلونها بعطف. ورغم انكم، بالطبع، لن تجدوا على صفحاتها ما كان ينبغي ان اضعه فيها، فانكم ستحزرون في الاقل ما كنت اروم كتابته.

اشتكيتم مرات عدة من غموض بعض المقاطع في الرسائل التي المحت الى النزاع الذي نشب في دخيلتي حتى لحظة مشاهدتي اسمى المشاهد. ان رفيق سفري الاغريقي لم يكن قليل المسؤولية في حثي على التأليف لحظة كان ينبغي لي ان اعاين ما يوجد حولي.

يذكرّني ذلك بصديق رائع اكمل كل الاستعدادات اللازمة لرحلة يمكن لنا ان نسميها رحلة استكشاف. لقد دأب على مدى سنوات في الدراسة وادخار المال، ثم، بغتة، فرّ مع ابنة عائلة من الاعيان، كما لو انه اراد ان يضرب عصفورين بحجر.

وبالمثل، استبد بي مزاج متهور، فعزمت ان اصطحب افيجيني معي الى كارلزباد. دعوني احكي لكم بايجاز عن الاماكن التي انشغل فيها ذهني ببطلة مسرحيتي.

بعد ان خلفت برينر ورائي، اخرجتها من الرزمة الكبيرة، وضممتها الى صدري. وحين قبعت على شواطيء بحيرة جاردا، حيث ريح الظهيرة العاتية تقذف الموج المتكسر على الشاطيء، تملكني احساس بالوحشة، يماثل احساس بطلتي بالوحشة والوحدة على شواطيء تاورس. وهنا دونت الاسطر الاولى من الصيغة الجديدة للمسرحية. واصلت الكتابة في فيرونا، وفيشينزا، وبادوا، ثم كتبت بهمة عالية في البندقية. بعدذلك وصلت درباً مسدوداً، ووقعت في اغراء وضع مسرحية جديدة: افيجيني في دلفي. ولولا تشتت انتباهي، واحساسي بالواجب ازاء المسرحية القديمة، لما انثنيت عن تنفيذ المسرحية الجديدة.

وما ان حللت في روما حتى طفقت اعمل عليها باطراد. وكنت في كل مساء اهيئ نفسي، قبل ان آوي الى الفراش، لمسك خطوط الحصة التالية من النص صباح الغد، التي كنت اهجم عليها ما ان استيقظ. وكانت طريقتي جد بسيطة. كنت اكتب مسودة اولية دون توقف، ثم اقرأ المسودة بصوت مسموع لنفسي، سطراً سطراً، ونقطة نقطة، حتى يبدو وقعها سليماً. أما النتيجة فلكم ان تحكموا عليها. لقد تعلمت من كتابتها اكثر مما انجزت. سأرفق نص المسرحية ببعض التعليقات.