6 كانون الثاني (يناير)




من جديد عندي بعض الروحانيات الكنسية مما احكيه لكم. قضينا ليلة عيد الميلاد في التجول، زائرين الكنائس التي اقامت القداس، من اشهرها، واكثرها ذيوعاً، كنيسة مزودة بارغن خاص، وآلات موسيقية اخرى، لا ينقصها صوت رعوي قط، من نايات الرعاة الى زقزقة الطيور الى ثغاء الحملان.

أما في يوم عيد الميلاد، فقد رأينا البابا في كنيسة القديس بطرس محاطاً برهط من اتباعه من الكهنوت، حيث اقام القداس الاعظم. ورأيناه يجلس على عرشه البابوي حيناً، أو يقف امامه حيناً آخر. انه مشهد فريد في بابه، مشهد بديع، ملؤه السمو والرفعة. غير اني كما تعلمون ديوجينوس بروتستاني قديم، وان اثر هذه الابهة عليّ، سلبي وليس ايجابياً. وبودي ان اقول، مثل سلفي التقي، لهؤلاء الغزاة الروحيين للعالم: لا تحشروا انفسكم بيني وبين منارة الفن المقدس، والانسانية البسيطة.

يصادف اليوم عيد الغطاس (أو الظهور)، وسمعت قداساً تلي وفقا للشعائر الاغريقية. ان هذه الطقوس تبدو لي، افضل، واعمق، وابسط، من الشعائر اللاتينية.

واذ راقبت القداس، شعرت من جديد انني بلغت من الكبر مبلغاً لا يرضيه سوى الحقيقة. ان الشعائر، وعروض الاوبرا، والمواكب، وعروض الباليه، تفرّ مني فرار الماء من ظهر اوزة. أما اعمال الطبيعة، كغروب الشمس عند فيلا ماداما، أو اعمال الفن، مثل تمثال جونو المؤلهة، فانها تخلف فيّ انطباعاً عميقاً، مستديماً.

وانني لاتوجس منذ الآن من فكرة قدوم موسم المسرح التالي. ففي الاسبوع القادم ستفتح سبعة مسارح ابوابها. وان انفوسي نفسه موجود هنا، وسيؤدي مسرحية: "الاسكندر في الهند". كما ستعرض مسرحية "سايروس"، اضافة الى باليه: "فتح طروادة". لاريب ان ذلك سيكون عرضاً يناسب الاطفال.